وكالة قاسيون للأنباء
  • الأربعاء, 28 مايو - 2025

مأساة في الرقة: شقيقان يلقيان حتفهما غرقاً أثناء تنظيف بركة مياه في مزرعة تشرين



شهدت محافظة الرقة، شرقي سوريا، حادثة مأساوية أودت بحياة شقيقين، خالد إبراهيم الخليل التناك (30 عاماً) ومحمد إبراهيم الخليل التناك (28 عاماً)، أثناء عملهما في تنظيف بركة مياه ضمن مزرعة تشرين الواقعة شمالي المدينة. ووفقاً لشبكات إخبارية محلية، وقعت الحادثة يوم الإثنين 26 مايو 2025، عندما سقط خالد في البركة، وحاول شقيقه محمد إنقاذه، لكنه غرق معه في محاولة فاشلة للإنقاذ. تمكن العمال في الموقع من انتشال جثتي الشقيقين وتسليمهما إلى ذويهما، وسط حالة من الحزن العميق في المنطقة.


تأتي هذه الحادثة في سياق تصاعد حوادث الغرق في سوريا، خاصة في مناطق نهر الفرات، حيث سجّلت فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) 15 حالة غرق في محافظة دير الزور منذ بداية فصل الصيف 2025. وبحسب تصريحات المنقذ رياض المغير لموقع "Ultra Syria"، تمكنت الفرق من انتشال 11 جثة، معظمها لأطفال وشباب دون سن العشرين، في حوادث توزعت بين مدينة دير الزور وريفها. وأرجع المغير أسباب هذه الحوادث إلى السباحة في مناطق خطرة غير صالحة، إضافة إلى عدم معرفة الكثيرين بطبيعة التيارات المائية القوية في النهر.


تصاعد حوادث الغرق في نهر الفرات


تشهد مناطق نهر الفرات، التي تُعد شريان الحياة في شرق سوريا، ارتفاعاً ملحوظاً في حوادث الغرق، خاصة خلال فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة. ووفقاً لتقارير سابقة، سجّل العام الماضي 2024 أكثر من 36 حالة غرق في النهر، معظمها في محافظتي الرقة ودير الزور، حيث تمكنت فرق الإنقاذ من انتشال معظم الجثث. وتُعزى هذه الحوادث إلى عوامل متعددة، منها غياب مراكز إنقاذ نهرية مخصصة، ونقص التوعية بمخاطر السباحة في أماكن غير آمنة، إلى جانب التحديات البيئية الناتجة عن انخفاض منسوب مياه النهر بسبب الجفاف وسياسات حبس المياه من قبل تركيا.


وأشارت تقارير إلى أن انخفاض منسوب مياه نهر الفرات، الذي يعتمد عليه الملايين في الرقة ودير الزور للشرب والري، قد زاد من تعقيد الوضع. ففي مايو 2025، حذّرت هيئة الطاقة في شمال وشرق سوريا من انخفاض مستوى مياه بحيرة سد الفرات إلى حوالي 6 أمتار، مما يهدد الأمن الغذائي والكهرباء في المنطقة. كما أدى تدني منسوب المياه إلى تحول بعض أجزاء النهر إلى مستنقعات، مما يزيد من مخاطر الغرق بسبب التيارات غير المتوقعة والتلوث.


تحديات الإنقاذ والوقاية


يعاني الدفاع المدني السوري من نقص في الموارد والمعدات اللازمة للتصدي لحوادث الغرق، خاصة في دير الزور، حيث لا يوجد فريق إنقاذ نهري مخصص، مما يجعل الاعتماد على جهود الأهالي أو غواصين متطوعين مثل خالد حريث، الذي يوثق عمليات الإنقاذ في الرقة. وفي الرقة، يعمل فريق الاستجابة الأولية التابع للمجلس المدني، والذي يضم 6 غواصين، على تغطية الحوادث القريبة من مركز المدينة، مع دوريات على مداخل النهر والجسور الرئيسية. ومع ذلك، يبقى النهر غير صالح للسباحة بسبب عمقه وسرعة تياراته، وفقاً لقائد الفريق ياسر الخميس.


وقد دعا ناشطون ومسؤولون محليون إلى تعزيز التوعية المجتمعية حول مخاطر السباحة العشوائية، وإنشاء مراكز إنقاذ مجهزة، إلى جانب تحسين البنية التحتية لضمان سلامة السكان. كما أشار المزارعون في المنطقة إلى أن انخفاض منسوب النهر، الناتج عن سياسات تركيا في حبس المياه، زاد من الأعباء المالية عليهم، حيث اضطروا لحفر قنوات ري جديدة واستخدام آليات ثقيلة للوصول إلى المياه، مما يفاقم التحديات الاقتصادية والبيئية.


تداعيات إنسانية وبيئية


تُسلط حادثة الشقيقين في مزرعة تشرين الضوء على المخاطر المرتبطة بالعمل في بيئات مائية غير آمنة، خاصة في ظل غياب تدابير السلامة. وتشير التقارير إلى أن مزرعة تشرين، التي تعد من أكبر التجمعات السكنية في ريف الرقة الشمالي بتعداد يتجاوز 25 ألف نسمة، تعاني من نقص مزمن في مياه الشرب والبنية التحتية القديمة، مما يزيد من تعقيد الوضع.

وتتزامن هذه الحادثة مع تحذيرات من أزمة إنسانية وبيئية في المنطقة، حيث يهدد انخفاض منسوب نهر الفرات، إلى جانب موجة الجفاف غير المسبوقة، المحاصيل الزراعية وسبل عيش آلاف العائلات. وأدان اتحاد الفلاحين في الرقة استخدام تركيا لمياه النهر كورقة ضغط، معتبراً ذلك تهديداً للأمن الغذائي في المنطقة.