غارات الليل وإجلاء النهار: ما الذي تخفيه إسرائيل في سماء سوريا

دمشق- قاسيون - تشهد الحدود السورية الإسرائيلية تحركات عسكرية وسياسية متضاربة تثير تساؤلات حول الأهداف والنوايا الحقيقية للأطراف المعنية. فبين إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إجلاء مواطنين سوريين لتلقي العلاج، وغارات جوية مكثفة على مواقع داخل سوريا، تتشابك الخيوط وتتعقد الصورة.
أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عن إجلاء خمسة مواطنين سوريين من أبناء الطائفة الدرزية، مصابين داخل الأراضي السورية، ونقلهم إلى المركز الطبي زيف في صفد لتلقي العلاج. وذكر أدرعي في تغريدة على منصة "إكس" أن جيش الاحتلال ينتشر في منطقة جنوبي سوريا، مؤكداً استعداده "لمنع دخول قوات معادية إلى المنطقة وإلى القرى الدرزية"، ومتابعته للتطورات "للدفاع وللتعامل مع سيناريوهات مختلفة".
يأتي هذا الإعلان في وقت تصاعدت فيه حدة التوتر على الجبهة السورية، حيث شنّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة، مساء الجمعة، استهدفت مواقع متفرقة في ريف دمشق ودرعا وحماة، في واحدة من أعنف الهجمات التي تطول الداخل السوري منذ أشهر. هذه الغارات تزامنت مع تصاعد الحملات الإسرائيلية السياسية والعسكرية ضد الإدارة السورية، تحت ذريعة "حماية الأقليات"، في وقت تؤكد فيه دمشق على وحدة مكونات الشعب السوري وتحذر من محاولات إسرائيل استغلال دروز سوريا للتدخل في الشأن الداخلي.
وقد سبق هذه التطورات تصريحات لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بشأن الموافقة على تنفيذ هجمات جديدة ضد أهداف في سوريا، بهدف إيصال رسالة مباشرة إلى القيادة السورية، في إطار ما وصفته إسرائيل بـ"الخطوط الحمراء" في الملف السوري.
في المقابل، أدانت الرئاسة السورية "بأشد العبارات" العدوان الإسرائيلي على القصر الرئاسي في دمشق، معتبرةً القصف "تصعيداً خطيراً ضد مؤسسات الدولة وسيادتها". وطالبت الرئاسة السورية المجتمع الدولي والدول العربية بالوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة هذه الاعتداءات، ودعت الدول العربية إلى توحيد مواقفها والتعبير عن دعمها الكامل لسوريا في مواجهة هذه الهجمات، بما يضمن الحفاظ على حقوق الشعوب العربية في التصدي للممارسات الإسرائيلية العدوانية.
تثير هذه الأحداث المتلاحقة تساؤلات حول العلاقة بين "العلاج الطبي" الذي تقدمه إسرائيل لمواطنين سوريين، والغارات الجوية التي تشنها على الأراضي السورية. هل يتعلق الأمر باستراتيجية مزدوجة تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية متعددة؟ وهل تعكس هذه التحركات تصعيداً خطيراً في الصراع الإقليمي، أم أنها مجرد محاولة لفرض "قواعد اشتباك" جديدة؟
تبقى هذه التطورات بحاجة إلى مراقبة دقيقة وتحليل معمق لفهم الأبعاد الحقيقية لما يجري على الحدود السورية الإسرائيلية، وتأثير ذلك على مستقبل المنطقة برمتها. ففي ظل غياب رؤية واضحة لحل الأزمة السورية، فإن هذه التحركات المفاجئة قد تكون مقدمة لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار والتصعيد.