قلق إسرائيلي متصاعد: نتنياهو ينتقد سياسات ترامب السرية تجاه سوريا وإيران

دمشق – وكالة قاسيون: كشفت مصادر مطلعة عن قلق متزايد لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إزاء السياسات التي تتبعها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بالملفين السوري والإيراني، وذلك على الرغم من مظاهر التوافق العلني التي تسعى واشنطن وتل أبيب لإظهارها.
وبحسب ما نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، فإن نتنياهو أعرب في محادثات مغلقة مع مساعديه عن اعتقاده بأن ترامب يتبنى خطابًا يرضي الجانب الإسرائيلي خلال اللقاءات والمكالمات الهاتفية، خاصة فيما يتعلق بإيران وسوريا، إلا أن الأفعال على أرض الواقع لا تعكس بالضرورة تلك التصريحات.
وتركزت انتقادات نتنياهو بشكل خاص على ما وصفه بـ "دعم ترامب" للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تعزيز نفوذه داخل الأراضي السورية، معتبراً ذلك تناقضاً صارخاً مع ما تدعيه واشنطن من تفويض إسرائيل بالتحرك بحرية في سوريا، وهي حرية تتناقض مع التوسع التركي المدعوم أمريكياً.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها قولها: "نتنياهو أعرب عن قلقه الشديد إزاء دعم ترامب لأردوغان في سيطرته على سوريا، ويأتي هذا في الوقت الذي منح فيه ترامب إسرائيل الضوء الأخضر، إن لم يكن أكثر، لاتخاذ أي إجراء تراه ضرورياً في سوريا".
امتعاض من مسار المفاوضات مع إيران وتعيين روبيو
لم يقتصر امتعاض نتنياهو على الملف السوري فحسب، بل امتد ليشمل الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب باتجاه فتح قنوات اتصال ومفاوضات مع إيران، مع التلميح إلى استعداد واشنطن لتقديم تنازلات في عدد من الملفات الحساسة، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مصادرها.
كما أعرب نتنياهو، خلال الأسبوع الماضي، عن قلقه من إقالة مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، مايك والتز، المعروف بتشدده تجاه إيران، معتبراً أن تعيين ماركو روبيو بديلاً مؤقتاً، على الرغم من صرامته الظاهرة، لم يبدد بشكل كامل مخاوف الجانب الإسرائيلي.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصريحات للرئيس ترامب أشار فيها إلى استعداده لقبول تطوير إيران للطاقة النووية المدنية ضمن أي اتفاق محتمل، مع التشديد على رفض امتلاك طهران للسلاح النووي، وهو ما أثار حفيظة تل أبيب التي تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً لها.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد ذكرت في وقت سابق أن أحد أسباب إقالة والتز يعود إلى محادثات أجراها مع نتنياهو حول إمكانية تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران قبيل قمة كان من المقرر عقدها مع ترامب، وهو ما نفاه نتنياهو لاحقاً، في محاولة لتهدئة التوترات.
تهنئة ترامب لأردوغان بـ"أخذ سوريا" تثير الاستياء
زاد من قلق الجانب الإسرائيلي تصريحات للرئيس ترامب هنأ فيها نظيره التركي رجب طيب أردوغان على ما وصفه بـ "أخذ سوريا"، مشيداً بما اعتبره إنجازاً تاريخياً لا يُقارن.
وقال ترامب في تصريح متلفز عقب مباحثات مع نتنياهو الشهر الماضي: "هنأت أردوغان على أخذه سوريا"، مضيفاً: "قلت له: فعلت شيئاً عجز الآخرون عن فعله طوال 2000 عام، لقد أخذت سوريا، مهما تعددت أسماؤها تاريخياً".
واعتبر مراقبون هذه التصريحات بمثابة ضوء أخضر ضمني من واشنطن لتوسيع النفوذ التركي في سوريا، وهو ما يتعارض مع المصالح الإسرائيلية التي ترى في أي وجود أجنبي قوي في المنطقة تهديداً لها.
وفي هذا السياق، صرح ترامب قائلاً: "أبلغت نتنياهو أنني أحب أردوغان، وإذا كانت لديه مشكلات معه، فيتعين عليه حلها"، مضيفاً: "لدي علاقة رائعة مع رجل اسمه أردوغان، وأحبه ويحبني، وهذا يُغضب وسائل الإعلام".
وتابع: "أبلغت نتنياهو بأنني قادر على حل أي مشكلة بين تركيا وإسرائيل بشأن سوريا"، مؤكداً أن على الإسرائيليين "التصرف بعقلانية لحل أي مشكلة مع تركيا".
وتأتي هذه التطورات في ظل قلق إسرائيلي متزايد من تنامي الدور التركي في سوريا، حيث تعتبر تل أبيب أن "تركيا تمثل تحدياً، كونها تدرب وتسلّح الجيش السوري، وتحاول ترسيخ وجودها العسكري عبر قواعد داخل سوريا"، وهو ما يمثل تهديداً محتملاً للأمن القومي الإسرائيلي.
وتسلط هذه التطورات الضوء على التباينات الخفية في وجهات النظر بين واشنطن وتل أبيب، على الرغم من مظاهر التحالف القوي، وتشير إلى أن مستقبل العلاقات بين الطرفين قد يشهد المزيد من التحديات في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة.